«
لا شك أن هناك أحذية كثيرة ستقذف منذ اليوم في وجه طغاة وفاسدين كثر» العبارة السابقة كانت موجودة في مقالي الأخير «
ثورة الأحذية»
المنشور في "المصدر أونلاين"، وصادف أن أرسلت المقال ذاته للثائر أمين
العمروط يوم السبت الماضي قبل حادث "رمي الحذاء" باتجاه الرئيس المنتهية
ولايته علي عبدالله صالح في نيويورك بساعات عندما كنا نتناقش عبر الإنترنت
حول الأوضاع في الجنوب وأحداث عدن التي حصلت في الثالث من فبراير الماضي.
أمين عمر العمروط المولود في أكتوبر 1977، ينتمي لبني هجان، الشعيب
الضالع، عاش لفترة في عدن ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الامريكية عام 1990
و يحمل الجنسية الأمريكية.
يوم السبت الماضي حاول اختراق حاجز أمني يحرس صالح أمام مقر إقامته
بنيويورك، كما رمى فردة حذاءه باتجاهه، لكن الشرطة اعتقلته وأحالته
للمحاكمة. وأفرج عنه لاحقاً.
يجيب العرموط على أسئلة عن شخصيته واشتراكه في الثورة ولماذا حاول اقتحام
حراسة صالح وماذا حدث له في السجن في الحوار التالي الذي أجرته لـ"المصدر
أونلاين" الزميلة سارة حسن عبر الهاتف.
أجرى الحوار: سارة عبدالله حسن - منذ متى بدأت المشاركة في العمل الثوري؟ بدأت مع أسرتي منذ سنوات عديدة، فوالدي المناضل عمر العمروط هو واحد من
أكبر الداعمين لجرحى الحراك السلمي وأسر الشهداء وكل المعتقلين واستمر هذا
الدعم حتى قيام الثورة في العام الماضي ولا يزال، و كان لنا ولأخي الناشط
السياسي ناصر العمروط شرف المشاركة في تأسيس ساحة الشهداء في المنصورة
وتقديم الدعم المالي منا ومن أصدقاء العائلة وتبني الإنفاق على الساحة
لأكثر من شهر وكانت البصمة الكبرى لأخي ناصر في عدم رفع العلم الجنوبي
السابق، و ذلك كي لا تتأثر الثورة في صنعاء أو تعز أو غيرها من المناطق.
كما أننا عاهدنا أنفسنا أن لا نعكر صفو أي ثائر، وأن لا يكون لنا حديث ولا
مشاركة إلا بالثورة المباركة حتى إسقاط علي صالح وعندها نتمنى أن تحل
قضيتنا بكل حب وأتمنى من الله أن تجتمع القلوب لما فيه الخير للجميع وتحل
القضية الجنوبية بشكل يرضي كل أبناء الجنوب.
- هل كان هذا العمل وليد لحظته أم انك قد خططت له مسبقاً؟ لم تكن هناك خطة مسبقة لكنني بعد أن قرأت مقال «ثورة الأحذية» كان حافزاً
لي ودعوت الله بعد أن قرأته أن يمنحني الفرصة لألتقي بالرئيس المخلوع
لأقذفه بحذائي وكان دافعي الأكبر هو دماء الشهداء و الجرحى وكل أنات
المظلومين.
- هل يمكن أن تصف لنا بالضبط ما حدث يومها؟ لقد كنت مشاركاً في التظاهرات التي كان يقوم بها أبناء الجالية اليمنية
ومن يساندهم أمام فندق «ريتز كارلتون» حيث محل إقامة الرئيس المخلوع في
نيويورك وذلك منذ يوم الأربعاء السابق تقريباً... وفي يوم الأحد أخبرت بعض
الشباب المحتجين هناك أنني سأفعلها لكنهم استنكروا علي ذلك وقالوا هل أنت
مجنون؟؟، وحذرني بعضهم من الحراسة المشددة عليه، وأنهم قد يقتلوني إن حاولت
التقدم نحوه، وقد تضايقت من تحبيطهم لي فابتعدت عنهم قليلا وقمت بإشعال
سيجارة، وعندما ظهر الرئيس المخلوع بدأ أخي الناشط ناصر عمروط يهتف: يا
سارق.. يا مجرم.. يا قاتل الأبرياء. وكان الرئيس المخلوع يبتسم ملوحاً
للمحتجين وكأنهم أتوا لتحيته لا للتظاهر ضده، الأمر الذي استفزني وتذكرت
ساعتها دماء الشهداء والجرحى، وغلت الدماء في عروقي، فاندفعت بقوة نحوه
واخترقت الحاجز الأمني الأول ثم الثاني وقذفت بحذائي نحوه، وما كان من
أفراد الشرطة المنتشرين حوله إلا أن هجموا علي وأوقعوني أرضاً، كما التف
أفراد الشرطة الآخرين حول الرئيس المخلوع وقد سمعت لحظتها صوت شحن المسدسات
لكني لم أتراجع.
وأثناء انشغال الحراس بي قام الأخ جياب الشعيبي هو الآخر بالتقدم ورمى
حذاءه أيضاً، وقد قام أحد الموجودين بتصوير ما حدث بالضبط لكنه رفض أن ينشر
ما صوره قبل الحصول على مبلغ ستين ألف دولار.
- كيف كان تعامل السلطات الأمنية الأمريكية معك بعد ذلك؟ تم إيداعي الحجز وهناك لم ألق أي مضايقات، بل على العكس حظيت ببعض
الاهتمام، فمثلاً عندما قام أحد أفراد الشرطة بتوزيع وجبة «همبرجر» على
النزلاء في الحجز أخبرني انه يمكنني أن آكل ما شئت من كمية منها، كما قام
بشراء السجائر لي من خارج الحجز وقال انه يمكنني مشاهدة مباراة الكرة في
التلفزيون إذا أردت، كما أعادوا لي حذائي. ولقد نظرت لحظتها له وهو مقاس 13
وتفاجأت عندما وجدت 33 خطا في أسفله، ولكم أن تتخيلوا ماذا يعني ذلك.
- وإلى أين انتهى الموضوع؟ _ في الجلسة الأولى من المحاكمة طلبت النيابة أن يتم الاستفسار إذا كان
الرئيس المخلوع يريد أن يرفع دعوى قضائية ضدي، فقلت عندها أني أيضاً سأرفع
قضية ضده وأنا أعتبر نفسي موكلاً من أهالي الشهداء والجرحى في اليمن،
فتأجلت الجلسة لمدة ساعتين حيث رفض عندها الرئيس المخلوع أن يرفع دعوة ضدي،
وأعتقد أن ذلك يعود إلى أن جلسات المحاكمة قد تطول فيضطر للبقاء للشهادة،
وتكون فترة حصانته الدبلوماسية قد انتهت في أمريكا، الأمر الذي سيوقعه تحت
طائلة القانون الأمريكي بعد سقوط الحصانة، وقد قررت القاضية عندما رفض رفع
دعوى ضدي أن يطلق سراحي على أن أعود لدفع مبلغ عشرين أو ثلاثين دولار في
أبريل القادم كحق عام.
- كيف هي معنوياتك الآن؟ معنوياتي عالية جداً وبالتأكيد سأكررها دون تردد إن واتتني الفرصة مرة ثانية.
- هل لديك كلمة توجهها لإخوانك اليمنيين في الداخل؟ أدعو جميع اليمنيين للصمود والاستمرار في ثورتهم السلمية حتى تحقيق جميع
أهدافها، وأن يتعاونوا يداً بيد في المرحلة القادمة لبناء يمن جديد خال من
الظلم والفساد والاستبداد، كما أؤكد على ضرورة أن يعتبروا حل القضية
الجنوبية من أولويات المرحلة القادمة.