زائر زائر
| موضوع: الشرعية السياسية للنبي صلى الله عليه وسلم الأحد يناير 15, 2012 6:10 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم لا يتردد الشخص في الحكم بأن من البدهيات التاريخية أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشأ دولةً إسلاميةً في زمنه, وأنه صلى الله عليه وسلم كان رئيساً وحاكماً على هذه الدولة.
ولم تكن هذه القضية محلاً للخلاف لدى الخطاب الإسلامي في هذا العصر, ولذا فإنا سنتجاوز ذلك ونتوجه إلى دراسة قضية غدت تظهر في نوادينا الثقافية وفي بعض سجالاتنا المعرفية, وهي قضية البحث في الآلية التي أصبح بها النبي صلى الله عليه وسلم رئيساً للدولة, وتحديد العملية التي أسست الشرعية السياسية له, التي أصبح من خلالها حاكماً على دولة الإسلام.
وهذه القضية لم تكن مطروحة في الفكر الإسلامي قديماً, ولهذا ربما لا يجد الباحث كلاماً مباشراً لعلماء الإسلام فيها, وإنما حدث البحث فيها مع حالة الاحتكاك المعرفي والسياسي بين الفكر الإسلامي والفكري الغربي في عصرنا الحديث.
وإذا أردنا أن نقوم بدراسة هذه القضية ونتوصل إلى تحرير القول الصحيح فيها, وننتهي إلى الكشف عن الموقف الذي يمثل حقيقة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، علينا أولاً أن نقوم بجمع الشواهد التاريخية التي تتعلق بالموضوع , ولا بد من الحذر كل الحذر من الاعتماد على بعضها وإغفال البعض الآخر, وعلينا ثانياً أن نقوم بتحليلها تحليلاً علمياً يصور الواقع كما هو ولا نبالغ أو نتوسع في التحليل ونضيف أفكارا خارجة عن النسق الخاص بتلك الشواهد.
والحوادث التاريخية التي تمثل مخزوناً معرفياً في مثل هذه القضية هي الوثائق والمبايعات والكتابات التي جرت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبائل العرب , وقد اهتم المؤرخون بجمعها وتتبعها, ولعل من أجمع المؤلفات التي احتوت قدراً كبيراً منها كتاب (مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة), تأليف/ محمد حميد الله, وبلا شك فليس كل ما جاء فيه صحيح أو موثوق به, ولكن ثمة قدراً كبيراً مما احتواه من الوثائق ثابت تاريخياً, فهذا الكتاب يعد موسوعة ضخمة من الشواهد التاريخية الهامة, وقد تضمن مباحث عالية الجودة في السياسة الشرعية, وفي تصوري أنه لو قام باحث بتحليل المضامين السياسية التي احتوى عليها لخرج بمعلومات مهمة جداً.
وقد حاولت أن أقوم من خلال قراءته وقراءة بعض كتب السيرة النبوية بجمع الشواهد التاريخية التي تتعلق بقضية رياسة النبي صلى الله عليه وسلم للدولة في زمنه, وقد تفاجأت من كثرة المادة العملية ومن تنوع دلالتها ومقتضياتها .
فهناك عشرات الشواهد اشتركت في الدلالة على معنى واحد وهو: أن نبوته صلى الله عليه وسلم تؤسس له الاستحقاق في الإمامة على الدولة وتحقق له الشرعية التي يمارس بها ذلك الحق, وتدل أن الإيمان به صلى الله عليه وسلم ومبايعته على ذلك متضمنة للإقرار بأنه صلى الله عليه وسلم رئيس للدولة وحاكم عليها, وأن الإيمان به يكفي في تأسيس المشروعية السياسية له صلى الله عليه وسلم, ولا أنه لا يحتاج إلى مبايعة أو عقد آخر يؤسس له المشروعية.
ومن الصعب جداً سرد كل الشواهد التاريخية الدالة على هذا الرأي, ولكن يمكن تصنيفها وتقسيمها إلى أنواع بحسب دلالاتها , وهي كالتالي:
النوع الأول : الشواهد التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الرؤساء ويعدهم بأنهم إذا آمنوا به يجعل لهم ما تحت أيديهم ويوليهم عليه . ومن ذلك ما جاء في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي- شيخ اليمامة - وفيه: "سلام على من اتبع الهدى , واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر , فأسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يديك"([1]) , ومن ذلك أيضا: ما جاء في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى ملكي عمان وفيه: "إنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما , وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل"([2]) ,ومن ذلك: كتابه صلى الله عليه وسلم إلى همدان , وفيه: "إنكم إذا شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله , وأقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة , فإن لكم ذمة الله وذمة رسوله على دمائكم وأموالكم , وأرض البور التي أسلمتم عليها, سهلها وجبلها وعيونها وفروعها , غير مظلومين ولا مضيق عليكم"([3]) , وهذا الحكم السياسي تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من كتبه التي أرسل بها إلى القبائل العربية, ككتابه إلى معد يكرب من خولان, وخالد بن ضماد من أزد وأبي طبيان الأزدي من غامد, وبني عامر بن الأسود من طيء. ووجه الشاهد من هذا النوع: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم مارس الحكم السياسي وعلق ذلك على مجرد الإيمان به وبدينه , ولو كان لا يملك الشرعية السياسية بذلك لما فعله, ولو كانت شرعيته السياسية متوقفة على مبايعة خاصة غير مبايعة الإيمان به لتوقف عن إصدار ذلك الحكم.
|
|
تمارا مشرفة المنتدى العام
عدد المساهمات : 139 نقاط : 4932 نقاط التقييم : 11 تاريخ التسجيل : 11/11/2011 الموقع : المانيا
| موضوع: رد: الشرعية السياسية للنبي صلى الله عليه وسلم الإثنين يناير 16, 2012 8:56 pm | |
| فعلا تشكر على موضوعك الجيد |
|