المـروءة و خوارمها

مررتُ على المروءةِ وهي تبـكي *** فقلتُ : عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟
عُرفت المـروءة بأنها : " استعمال كل خُلقٍ حسنٍ ، واجتناب كل خُلقٍ قبيح". وقيل "المروءةُ اسمٌ جامعٌ للمحاسن كلِّها ". وقيل المروءة: "اجتناب الريب" ، وقيل هي : " كَمالُ الرُّجُولِيَّة ". وهذا يعني أن من كانت مروءته كاملةً من الرجال فقد كمُلت رجولته و علا مقامه . قال الشاعر وإذا الفتى جمع المروءة والتُقى **** وحوى مع الأدب الحياء فقد كمُل[


وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْمُرُوءَةِ فَقَالَ : الْعَقْلُ يَأْمُرُك بِالأَنْفَعِ ، وَالْمُرُوءَةُ تَأْمُرُك بِالأَجْمَلِ . ومن هنا يمكن القول : إن المروءة تعني جماع مكارم الأخلاق وكمال الأدب وحُسن السلوك
، وهنا تجدر الإشارة إلى أن على الآباء تربية أبنائهم على آداب المروءة
وتعويدهم إياها منذ نعومة أظفارهم حتى لا تسبق إليهم الأخلاق والطباع
السيئة فتحول بينهم وبين مكارم الأخلاق وجميل الطِباع قال الشاعر :


إذا المرءُ أعيتْهُ المروءةُ ناشِئاً *** فمطلبُها كهلاً عليه عَسِيـرُ


خوارم المروءة :
يُقصد بالخوارم جمع خُرم : تلك النقائص التي تفقد الشيء تمامه .
يقول الشاعر :


فقالت : كيف لا أبـكي وأهلي *** جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا

وفيما يلي نذكر أمثلة على بعض خوارم المروءة التي تنتشر في مجتمعنا المعاصر سواءً أكانت قوليةً أم فعلية ، ومنها :
(1) كثرة المزاح والمداعبة القولية والفعلية ، وكثرة الضحك والقهقهة بصوتٍ عالٍ ولا سيما في الأماكن العامة .
(2) أن يأكل الإنسان طعامًا أو يشرب شراباً وهو يمشي في الأسواق والطرقات.
(3)
يُكره مضغ العِلك ( اللبان ) أمام الناس ، فقد ورد عن بعض السلف قولهم : "
يُكره العِلكُ للرجل للتشبه بالنساء ، ما لم يكن للتداوي ، أو كان خالياً
ببيته ونحوه لا في حضرة الناس " .

(4) تناول الطعام بنهمٍ شديدٍ لاسيما عندما يكون الإنسان مدعواً إلى وليمةٍ أو نحو ذلك.(5) التجشؤ بصوتٍ مرتفعٍ .
(6) ارتداء بعض الناس للملابس الشفافة والغريبة الوافدة ، وكذلك الخروج من المنزل بسراويل قصيرة وفنيلية وما يعرف بالملابس الداخلية
(7)
قص شعر الرأس بأشكالٍ غريبةٍ وغير مألوفة ، وكُلنا يعلم أنه قد انتشرت في
هذا الزمان بعض قصات الشعر المضحكة المبكية وخاصة بين الشباب والشابات ،
والتي يعلم الله أنها تُشوه الشكل ، وتدل على فساد الذوق ، وحب التقليد ؛
كما تؤكد أن من يفعلها عامداً مُتعمداً ضعيف العقل ممسوخ الهوية ، لأنه
مُقلدٌ للآخرين ممن لا دين لهم ولا مروءة ولا حياء .

(Cool أن يتحدث الإنسان إلى جُلسائه ببعض الأحاديث المخلة بالآداب.
(9) الكذب ، والخداع ، والتحايل يقول الشاعر :
وما شـيءٌ إذا فـكَّرت فيه *** بأَذهب

للمروءةِ والجمالِ

من الكذب الذي لا خير فيه *** وأبعد بالبهاءِ من الرجالِ

وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ مِنْ شَرَائِطِ الْمُرُوءَةِ :

أَنْ
يَتَعَفَّفَ عَنْ الْحَرَامِ ، وَيَتَصَلَّفَ عَنْ الْآثَامِ ، وَيُنْصِفَ
فِي الْحِكَمِ ، وَيَكُفَّ عَنْ الظُّلْمِ ، وَلا يَطْمَعَ فِيمَا لا
يَسْتَحِقُّ ، وَلا يَسْتَطِيلَ عَلَى مَنْ لا يَسْتَرِقُّ ، وَلا يُعِينَ
قَوِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ ، وَلا يُؤْثِرَ دَنِيًّا عَلَى شَرِيفٍ ، وَلا
يُسِرَّ مَا يَعْقُبُهُ الْوِزْرُ وَالْإِثْمُ ، وَلا يَفْعَلَ مَا
يُقَبِّحُ الذِّكْرَ وَالِاسْمَ .