في
دراسة قام بها علماء النفس البريطانيون للخروج بروشتة لضمان السعادة
الزوجية، وبعد أبحاث طويلة ودراسات عديدة، توصلوا لتحديد عدة أشياء في
الحياة الزوجية حذروا من الاقتراب منها لضمان حياة مستقرة.
وسنعرض في هذا المقال بعضًا من هذه الأمور التي إن حافظنا عليها ستساهم بإذن الله في نشر السعادة بين الزوجين.
1. الغيرة...النار المتأججة:
تستطيع
الغيرة أن تدمر أي علاقة زوجية إذا لم يعترض أحد طريقها ويكبح جماحها،
فالغيرة التي تتطور إلى الشك يتوارى وراءها عدم الثقة، وهذه هي أولى
المناطق التي يجب عدم الاقتراب منها، فيلزم الابتعاد عنها، وعدم التجسس
والتفتيش الذي يعتبر وسيلة لمحاولة التحكم والسيطرة، وعدم محاولة إنزال
العقاب بشريك الحياة الذي يبعدنا أكثر من الثقة.
فالغيرة
شيء طبيعي في أي علاقة زوجية، ولكنهاعندما تصبح مفرطة، وتتجه نحو
الاستحواذ الكامل تتسبب في المشاكل، المسألة أن الشخص يحتاج في بعض الأحيان
إلى التأكد من أن شريك حياته لا يزال يحبه.
(مما
يجمل أن يتحلى به الزوجان في حالة حدوث الغيرة من أحدهما.. صفة الحلم، حيث
ينظر المغار عليه إلى الغيران نظرة ود مشوبة بالصفح والغفران؛ لأنه يعلم
أن هذه الغيرة بدافع الحب والخوف على ضياع المحبوب – جاء عن عائشة رضي الله
عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت
عليه أن يكن أتى بعض نسائه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: أغرت؟ فقلت: وهل مثلي
لا يغير على مثلك؟)
[رواه مسلم])
[فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة، محمد الخشت، ص(47)].
2. الأطفال:
هناك بعض الأزواج والزوجات يستخفُّون بتأثير الأطفال على العلاقة الزوجية، فإن
وصول الطفل إلى الحياة معناه، تغييرًا في نظام الحياة أقوى من التغيير
الذي يحدث عند الزواج، فللمرة الأولى يظهر شخص ثالث يتحتم علينا أن نفكر
فيه قبل أنفسنا ولا يدرك الرجل أن المرأة سوف تنشغل بالطفل كثيرًا، وسوف
تعاني من الأرق والتعب، ولكن على الزوجة أن تطمئن زوجها بأنها ما زالت تحبه
وما زالت تنشغل به. فنرى
في بعض البيوت عندما يأتي الأولاد، نرى أن نبع الحب والمودة والرحمة يقل
بين الزوجين بدعوى أن هناك أمور أهم من العلاقة بين الزوجين، فالزوج منهمك
طوال النهار في عمله من أجل جلب الرزق لأولاده وتوفير المعيشة الجميلة لهم،
والزوج أصبحت لا تعبأ بزوجها فتهمل في نفسها وجمالها، وتنشغل بمذاكرة
الأولاد وتلبية حاجتهم.
ولا
يدرك هذان الزوجان أنه لكي تستمر الحياة الزوجية وينعم أولادهم بحياة
مليئة بالسعادة والفرح والطمأنينة، أن يهتما ببعضهما، فالزوج يجب أن يحرض
على التجديد المستمر في علاقته مع زوجته كما كان يفعل معها في أيام الزواج
الأولى، كذلك الزوجة لا تهمل في نفسها ولا تهتم بزوجها، ولتفعل ما كانت
تقدمه لشريك حياتها في أول الزواج.
3. الهواية:
كل
إنسان في هذه الحياة يمارس هواية معينة مثل: السباحة أو كرة القدم أو حتى
الجلوس مع الأصدقاء، وأحيانًا يواجه الرجل صعوبة في التحول من حياة
العزوبية إلى علاقة زوجية ملتزمة ومستقرة, ويستمر في الأسلوب الذي كان يعيش
به قبل الزواج، وتضطر الزوجة إلى أن تقول لزوجها: إنها الآن جزء من حياته،
وإنهما يجب أن يصلا إلى تفاهم يجعل العلاقة تستمر في إطار صحي، ولاشك أن
الشريك الذي يترك شريك حياته فترات طويلة يعمل دون أن يعي على تدهور
العلاقة ويظهر الاستياء وعدم الإحساس بالمشاركة.
ولذا
إن من الأشياء التي يجب أن يضعها كلا الزوجين في حسبانهما هو ضرورة ترتيب
الأولويات عندما يدخل في الحياة الزوجية، فالزوج الذي يقدم هوايته الشخصية
على رعاية زوجته وبيته ليس عنده فقه إدارة الأولويات، فترتيب الأولويات هو
شيء يومي يجب أن يفعله الزوج والزوجة في بداية يومهما يقومان بترتيب
الأولويات حسب الحاجة والأهمية.
4. الصمت:
نرى
بعض الأزواج يصابون بالخرس بمجرد دخول البيت، وعدم الكلام يتسبب في حدوث
الكثير من المشاكل، فالزوجة تشعر أنها مهملة وتتساءل بينها وبين نفسها هل
أتحدث مع الجدران؟ ولذا فمهما كنت تشعر أيها الزوج بالغضب أو الحزنم، فيجب
أن تشرك شريك حياتك معك، وتعطيه الفرصة لأن يتفهم مشاعرك، ويحاول أن
يساعدك، فمن الحماقة أن يظل الإنسان صامتًا ويترك الأمور تتراكم، ويغامر
بتآكل تدريجي في العلاقة، ومن الصعب أن تتوقع من شريك حياتك أن يكون قارئًا
نهمًا لكل أفكارك على نحو مستمر، عندما يتكلم شريك حياتك يجب أن تعطيه
آذانًا صاغية، وإلا فإنه ينغلق على نفسه ويبتعد وينزوي.
إلى الزوجات:
الزوجة
غالبًا ما تفسِّر صمت زوجها وكأنه يقول لها: إنني لا أتكلم معكِ لأني غير
مهتم ولا أبالي، إن كلامكِ ليس بهام ولذلك فأنا أتجاهلكِ.
وبالتالي هي تسيء تفسير صمت زوجها، وتبدأ تتخيل الأسوأ: إنه يكرهني إنه لا يحبني، إنه يتصور أنني لن أُعِنْه إذا تحدث. لماذا كل هذه التفسيرات الخاطئة؟
لأن الوقت الوحيد تقريبًا الذي تصمت فيه المرأة
(هو عندما يكون ما تريد قوله جارحًا أو مؤلمًا، أو عندما لا ترغب بالكلام
لأنها لم تعد تثق بمن تحدثه وتريد الإعراض عنه، فلا غرابة إذًا أن تشعر
بعدم الأمن عندما يمتنع الرجل عن الكلام)
[الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، د.جون جراي، ص(11)، بتصرف].
وعلى المرأة أن تتفهم طبيعة الرجل إذا أرادت أن تكون صلتها به إيجابية وهادئة.
وفي
حالة صمت الزوج تكون الزوجة منزعجة، وتشعر أن عليها أن تحيط به وتخفف عنه
وتخرجه من صمته، وهكذا هي عندما تكون منزعجة، فإنها تحب أن يكون حولها من
يكلمها ويرعاها.
وتعتقد
خطأ أنها إذا أخذت تطرح على زوجها الأسئلة وتحاول الاستماع إليه، فإنها
ستعينه على الخروج مما هو فيه، إلا أن هذا الأسلوب يزيد انزعاج الزوج أكثر،
وبالرغم من قصدها الطيب، إلا أن الأسلوب غير سليم، ونتائجه تأتي معاكسة
لما تريد تحقيقه.
5. المال:
إن
اختلاف وجهات النظر فيما يخص المال والإنفاق يمكن أن يسبب كثيرًا من
المشاكل، ويلزم تحديد أوجه الاتفاق، وتقدير الضروريات، وما يترك للإنفاق
الفردي ولا يلزم، بل أن يستخد المال كجزء من لعبة قوى في العلاقات الزوجية،
فالنقود مسئولية مشتركة، ولا يجب الانفراد بها مهما كانت قليلة أو كثيرة.
فهي
من المسائل التي كثيرًا ما تخلق مشكلات بين الزوجين، فالزوجان لم يتفقا
على رؤية في الإنفاق أو حدود مال الزوجة وغيرها من هذه الأمور أن المشكلات
المالية تخيم بظلالها على السعادة الزوجية، وعادة ما تكون المشكلة قلة
المال أو كثرة الوقت المبذول في البحث عن المال)
[حان الوقت لزواج أفضل، د.جون كارلسون، دينكماير، ص(106)].
6. عدم الرضا:
إن
عدم الرضا هو بمثابة المطرقة التي تهدم جدار السعادة الزوجية بين الزوجين،
فهو من أهم العوامل التي تُفقد الإنسان سكينة النفس ورضاها، فالإنسان الذي
يتحسر على الماضي مع سخطه على الحاضر، هو بذلك يهدم سعادة حياته، فبعض
الناس تنزل به النازلة من مصائب الدهر، فيظل فيها شهورًا وأعوامًا، يجتر
آلامها ويتستعيد ذكرياتها القديمة، يقول: ليتني فعلت كذا، وليتني تركت كذا.
ولهذا ينصح الأطباء النفسيون ورجال التربية أن ينسى الإنسان آلام أمسه ويعيش في واقع يومه، فإن الماضي بعد أن ولى لن يعود.
وقد صور أحد المحاضرين بإحدى الجامعات الأمريكية تصويرًا بديعًا لطلبته حين سألهم:
(كم منكم مارس نشر الخشب؟ فرفع كثير من الطبة أصابعهم، فعاد يسألهم: كم
منكم مارس نشر نشارة الخشب؟ فلم يرفع أحد منهم إصبعه، وعندئذ قال المحاضر:
بالطبع لا يمكن لأحد نشر نشارة الخشب، فهي منشورة فعلًا، وكذلك الحال مع
الماضي، فعندما ينتابكم القلق لأمور حدثت في الماضي، فاعلموا أنكم تمارسون
نشر النشارة)
[أسعد نفسك وأسعد الآخرين، د. حسان شمسي باشا، ص(46)].
ولذا
يجدر بالزوجين، ألا يبكيا على اللبن المسكوب، فالذي يريد النجاح والسعادة
في الحياة، يتعلم من الماضي، لا يجلس يبكي على الأطلال، ويتحسر على ما فات
من مصالح.
ماذا بعد الكلام؟
ـ ليقم كل من الزوجين بالجلوس مع بعضهما، للاتفاق على حول النقاط السابقة التي ذكرناها وحدود كل منها، وكيف سيتعاملان مع كل ملف.
ـ
ليكن هناك خطوات واضحة يتخذها الزوجان في ملف من الملفات فمثلًا ملف
الأولاد، يقوم الزوجان بوضع تصور حول كيفية التعامل معه من حيث:
ـ مصاريف الأطفال.
ـ الموازنة بين الاهتمام بالأطفال واهتم الزوج والزوجة ببعضهما، وهكذا يفعل الزوجان في كل ملف من الملفات التي ذكرناها.
المصادر:
·أسعد نفسك وأسعد الآخرين، د. حسان شمسي باشا.
·حان الوقت لزواج أفضل، د.جون كارلسون، دينكماير.
·فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة، محمد الخشت.
·الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، د.جون جراي.
منقول