علماء الحديث

الإمام النووي

نسبه ونشأته

هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، نسبة الى نوى ،
وهي قرية من قرى حَوْران في سورية . و هو صاحب أشهر ثلاثة كتب لا يكاد بيت
مسلم يخلو منها ، وهي : الأربعون النووية ، والأذكار، ورياض الصالحين .



ولد
النووي (رحمه الله) في محرم عام 631هـ في قرية نَوَى من أبوين صالحين ،
ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل
العلم هناك . وصادف أن مرَّ بتلك القرية الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي ،
فرأى الصبيانَ يُكرِهونه على اللعب ، وهو يهربُ منهم ويبكي لإِكراههم،
ويقرأ القرآن ، فذهب إلى والده ونصحَه أن يفرِّغه لطلب العلم ، فاستجاب له .
وفي سنة 649هـ قَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لاستكمال تحصيله العلمي في مدرسة
دار الحديث ، وسكنَ المدرسة الرَّواحِيَّة ، وهي ملاصقة للمسجد الأموي . و
في عام 651هـ حجَّ مع أبيه ، ثم رجع إلى دمشق ، وهناك أكبَّ على علمائها
ينهل منهم .[/size]


أخلاقه وصفاته

أجمعَ
أصحابُ كتب التراجم أن النووي كان رأسًا في الزهد ، وقدوة في الورع ،
وعديم النظير في مناصحة الحكام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن
أهمِّ صفاته الزهد والورع ، فيُروى أنه سُئلَ : لِمَ لمْ تتزوَّج؟ فقال : "
نَسيتُ " ؛ وذلك لاشتغاله العظيم بتحصيل العلم ونشره .



وفي
حياته أمثلة كثيرة تدلُّ على ورعٍ شديد، فكان لا يقبل من أحدٍ هديةً ولا
عطيَّة ً، وكان لا يقبل إلا من والديه وأقاربه ، فكانت أُمُّه ترسل إليه
القميص ونحوه ليلبسه ، وكان أبوه يُرسل إليه ما يأكله ، وكان ينام في غرفته
التي سكن فيها يوم نزل دمشق في المدرسة الرَّواحية ، ولم يكن يبتغي وراء
ذلك شيئًا .[/size]



وكان الإمام النووي لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الاخرة ، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وكان لا يشرب الماء المُبرَّد .[/size]

شيوخه

سمع
أبا الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي ، وهو أجلُّ
شيوخه ، وأبا إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر، وأبا العباس أحمد
بن عبد الدائم ، وأبا البقاء خالد النابلسي ، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد
الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري ، والضياء بن تمام الحيصي ، والحافظ أبا
الفضل محمد بن محمد البكري ، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب
دمشق ، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري ، وأبا زكريا يحيى
بن الفتح الصيرفي الحراني ، وأبا إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فاضل
الواسطي ، وغيرهم .


مؤلفاته

صنَّف
الإمام النووي (رحمه الله) كتبًا في الحديث والفقه عمَّ النفع بها، وانتشر
في أقطار الأرض ذكرها ؛ منها : المنهاج في الفقه، وشرح مسلم ، ومنها
المبهمات، ورياض الصالحين ، والأذكار، وكتاب الأربعين ، والتيسير في مختصر
الإرشاد في علوم الحديث . ومنها الإرشاد ، ومنها التحرير في ألفاظ التنبيه ،
والعمدة في صحيح التنبيه ، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك،
ومنها التبيان في آداب حملة القرآن ومختصره ، ومنها مسألة الغنيمة ، وكتاب
القيام ، ومنها كتاب الفتاوى، ومنها الروضة في مختصر شرح الرافعي، وقطعة في
شرح التنبيه ، وقطعة في شرح البخاري ، وقطعة يسيرة في شرح سنن أبي داود ،
وقطعة في الإسناد على حديث الأعمال والنيات ، وقطعة في الأحكام ، وقطعة
كبيرة في التهذيب للاسماء واللغات ، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء ، ومنها قطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر، ومسودات كثيرة .


آراء العلماء فيه

قال
عنه الإمام الذهبي: " الشيخ الإمام القدوة ، الحافظ الزاهد، العابد
الفقيه، المجتهد الرباني ، شيخ الإسلام ، حسنة الأنام". وقال الإمام ابن
كثير: " الشيخ الإمام ، العلامة الحافظ ، الفقيه النبيل ، محرر المذهب
ومذهبه ، وضابطه ومرتبه ، أحد العباد والعلماء الزهاد ، كان على جانب كبير
من العلم والعمل والزهد والتقشف ، والاقتصاد في العيش والصبر على خشونته ،
والتورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله بدهر طويل" . وقال في
حقِّه الإمام العلامة محمد بن علاَّن الصديقي : " شيخ الإسلام، علم الأئمة
الأعلام ، أوحد العلماء العاملين ، والأولياء الصالحين ، عين المحققين ،
وملاذ الفقهاء والمحدثين ، وشيخ الحفاظ ، وإمام الحفاظ، وإمام أرباب الضبط
المتقنين " .


وفاته

ُوُفِّي الإمام النووي (رحمه الله) بِنَوَى في 24 من رجب سنةَ 676هـ

، ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجَّت هي وما حولها بالبكاء وتأسَّف عليه المسلمون أسفًا شديدًا[/size]

المراجع

- انظر: تحفة الطالبين في ترجمة الإمام النووي لابن العطـَّار.

- المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الاولياء النووي للسخاوي .